دموعي سبقتني .. عانقتها طويلاً.. ناديتها أمي .. فما كان منها إلا أن أمسكت يدي تريد أن تقبلها فأبيت وقبلت يدها طويلاً.. وفاض قلبي بالأنين والحزن .. وضعت يدي على كتفها .. وما تركتها لحظة أستمع لها بإنصات شديد وأرى ملامح الأسى والحزن الذي حفر على وجهها تجاعيد أخرى لا ترى بالعين بل بالقلب فقط ..
عجوز ستينية في دار المسنين ما عاد لها سوى الدموع وبعض الذكريات تعيش على أمل بأن ترى فلذات أكبادها يوماً لربما يأتي ابنها الكبير ليرتمي في أحضانها بعد سنواتٍ من الهجر والغياب أو لربما تذكرها ابنتها !
تنظر إلى النافذة .. تطيل النظر .. تطيل التأمل .. ويطول الألم !
ألم ممزوج بالعذاب .. وعذاب ممزوج بالقهر ..
يالطيبة قلبك ونقائه .. يالجمال روحك .. يالك من أم !
أتخيلك في كل يوم تستيقظي فيه تنادي على ابنائك معتقدةً أن ما أنت فيه كابوس طويل وها قد صحوت منه فتستبشري وتكرري النداء فلربما لم يستيقظوا بعد .. تنتظري أن يأتيك أحدهم بالماء والدواء وتأتيك الأخرى بوجبة الإفطار لتأكلوا معاً .. ويركض نحوك أحفادك فيضحكوا لتضحك الدنيا معهم لكنك فجأة تجدي الممرضة واقفةً أمامك ووجه آخر لا يشبه وجه ابنتك قد أتاك .. فتعلمي أنه الكابوس لازال مستمراً.. فتطرقي رأسك وتداري دمعتك وتبتسمي ..
أعلم أنك تتحرقين شوقاً للعودة إلى بيتك حيث الذكريات .. فلربما اشتاقت لك الجدران وما اشتاق قلب أبنائك لك بعد !
أعلم أنك في كل لحظة تموتين فيها ألف موتة .. وفي كل موتة تقتلين ألف مرة ..
أعلم بأنك ستغفري لهم إن عادوا فقلبك كبير جميل ..
يا لقساوة قلوب الأبناء قي كثير من الناس كيف هانت عليهم امهم وكيف هان عليهم ما فعلته لاسعادهم أهم وحوش لهذه الدرجة
ألا تعلم أنك كما تدين تدان وكل شخص آتيه ما فعل ولو بعد حين .
" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما "
فكيف بمن رمى والديه وتركهم يلاقوا مصيرهم البائس بين ذكرى الماضى ومستقبل مجهول المعالم
لا نملك الا ان نفول لا حول ولا قوة الا بالله [b]